6.10.10

السواقة في بر مصر

فن.. أخلاق.. ذوق

هذا هو توصيف وزارة الداخلية للقيادة (الشهيرة بالسواقة) في مصر
والتي أصبحت لا أدري هل تم اشتقاق كلمة سواقة من يسوق
حيث يشعر كل راكب سيارة أنه يسوق قطيعا يركب في باقي السيارات.. وعليهم جميعا الانصياع لرغباته واتجاهاته
أم أنها -كما تُنطَق في مصر- سواءة، وهي تأتي من مدى السوء التي وصلت له

فأنا لا أتفق مع شعار الداخلية إلا في الثلث الأول فقط
فهي فن..
وفن له أسس وقواعد؛ ملخصها هو : ليس هناك أسس ولا قواعد

يهالني الفارق الشاسع بين عقليات وتصرفات السائقين، وتعاملهم مع الطريق ومع القطيع.. عذرا.. أقصد رفقاء الطريق الآخرين

فمن المعروف عن "السواقة" في مصر أن هناك لغة خاصة لا يعلمها إلا أهل مصر
فهو قد يخبرك بأمر ما باستخدام يده أو النور أو الكلاكس أو حتى الإشارات

ولا يفسد هذه اللغة إلا القائد المايسترو..
فأنت تسير خلفه وهو لا يكف عن الإشارات بيده صعودا وهبوطا.. للأمام وللخلف
تحاول أنت استنباط المعلومة التي يريد أن يوصلها لك، ولكنك تفشل في أي محاولة للترجمة..
هل هناك رادار؟
هل هناك حادث في الأمام؟
هل هي إحدى الشتائم البذيئة والتي تتطلب ردا سريعا منك بأحد مكونات سيارتك؟
لا تدري..
وما تكاد تشك في إلمامك بهذه اللغة، إلا وتكتشف أنه يتحدث مع جاره في السيارة، ويقتسم الحديث بين جاره وبينك..
فالكلام للجار والإشارات لك!!
 
ولديك السائق الذي لا يعرف للفرامل سبيلا..
فالسيارة تسير بسرعة ثابتة طوال الطريق.. سواء كان الطريق خاليا أو كان مزدحما، لا يقف لعابر طريق، أو حتى لمطب أوقعه حظه العاثر أن يمر من تحت هذا السائق
وعليك أنت أن تفسح له بمجرد رؤيته.. أيا كانت العوائق أو الموانع التي على جانبيك

ولديك سائق حرب أكتوبر..
وفي هذا القائد تتحقق مقولة : لازم نستلهم روح أكتوبر ونطبقها في حياتنا
ولهذا فهو يكون في أقصى يسار الطريق.. يسير بهدوء وتؤدة.. لا يعطي أي إشارة أو تنبيه.. بل لا يكاد يلتفت في أي اتجاه (يطبق روح الخديعة والدهاء في حرب أكتوبر)
وفجأة
يتخذ قرار العبور المجيد، فتجده في لحظات يختفي من اليسار ليصبح في اليمين (هنا يطبق عنصر المفاجأة)
ليجبرك أن تتخذ فجأة موقف الدفاع عن النفس بعد أن أربك كل حساباتك لحركة الطريق وبعد أن ظننتَ أنك ممسك بزمام الأمور، وأنك السائق الذي لا يقهر
ثم بعد ذلك وعلى طريقة (بالسلام إحنا بدينا بالسلام).. ينظر لك ويبادرك برفع يده مسلما ومعتذرا، ليحرجك أمام المجتمع الدولي في الطريق
أو قد يطبق دروس أكتوبر حتى درس العبور فقط، ثم يغلق كتاب أكتوبر ولا يعيرك اهتماما بعد ذلك على طريقة (ليك شوق في حاجة؟)

من المؤكد أيضا أنك سترى سائق مراجيح مولد النبي
وهذا لم يستلهم روح حرب أكتوبر، ولكنه استلهم روح محافظة أكتوبر بما فيها من ملاهي
فهو يشعر كأنه في مدينة دريم بارك، لا يثبت في مكان..
يسترجع طفولته بالمرجحة في الطريق، فتراه كالحائر بين حارتين، يذهب يمينا قليلا حتى لا يكاد يتم دخول الحارة اليمنى، إلا ويقرر أن يتجه يسارا بهدوء، ثم يعيد الكرّة
ويجب عليك تحمُّل هذه "المرجحة" وأنت عالق خلفه لا تستطيع منه فكاكا.. حتى تنتهي رغبته في استرجاع أيام طفولته الغابرة، وغالبا ما يكون ذلك بوصوله إلى بيته

ومن ذكريات طفولة هذا السائق، لـ سائق كى جِي وَن
وهو سائق آخر على النقيض تماما.. فذكريات طفولته قد سببت له عقدة "بشنيطة"
فيبدو أنه ضُرِب كثيرا عند كتابته للواجب المدرسي لتركه السطر أثناء الكتابة، إما بالصعود أو بالهبوط
وقد آتت العقوبة أكلها ولم تظلم منه شيئا (إلا ظلمها للسائق الذي يتعسه حظه بالسير خلفه)
فهو ما أن يرى الخط الفاصل بين الحارات إلا ويتذكر السطر في كراسة المدرسة.. فيتخذه دليلا في وسط السيارة ولا يحيد عنه، فلا "يطلع للسما" ولا هو "ينزل يشرب م البحر"
وأنت تأتيه ذات اليمين وذات الشمال، ولكنه غير منتبه لك، لانشغاله بالسطر

لهذا..
عليك عزيزي السائق أن تتحلى بالصبر وتدعو الله أن يحميك من أمراض القلب والضغط والسكر
وتدعيلي معاك إن ربنا يعينني
:)

* * * * * * *

20.8.10

ابراهيم عيسى

أنا من قراء إبراهيم عيسى.. وباحب أكتر إني أتفرج على برامجه
حتى وإن كنت باختلف معاه في حاجات هو بيقولها..

لكن اللي أنا مستغربله
إني أفتح على قناة أزهري، الاقيه عامل برنامج عن "الرائعتان"، عائشة وفاطمة رضي الله عنهما

متهيألي ده رغبة منه في إلقاء الضوء على الأحداث السياسية والاجتماعية في الفترة دي من بدايات الإسلام
لكن أكيد وهو بيتكلم عن الفترة دي مش هيقدر يتجنب الجانب الديني أبدا
وأكيد هيعلق على بعض الأحداث وبعض الممارسات اللي ليها علاقة مباشرة بالدين

* * * *

وبعدين أجيب O TV.. الاقي برنامج "حاجة تفطر"
البرنامج اللي بيلقي الضوء بشدة على الممارسات الخاطئة اللي بنعملها في رمضان
وإزاي دي كلها بعيدة كل البعد عن الدين، رغم إننا المفروض صايمين.. ورغم إننا المفروض نبقى أكثر التزاما وأكثر تسامحا وأكثر صبرا مع بعض

بيورينا إزاي بقى اهتمامنا كمصريين بالشكل العام للدين من غير انعكاس ده على أخلاقنا..
وده فعلا أنا باشوفه كتير.. بغض النظر يعني عن القضية الأزلية بتاعة (المظهر والجوهر) ومين فيهم أهم من التاني
بس ده بيحصل وباشوفه وبيفرسني

بالاقي كلامه سليم لما يعيب على واحد مشغل قرآن في العربية وعمال يزنق على ده ويشتم ده
بالاقي كلامه سليم -نسبيا- لما واحد يهتم بـ(مظاهر الدين) لكن في شغله بيؤذي زمايله ومش بيشتغل بما يرضي الله

جميل جدا إنه يفضح "التناقض" ده في المجتمع.. عشان نقدر نعالجه ونوصل لإنسان سوي يغير الواقع المرير اللي بنعيشه

* * * *

وفي الآخر أجيب موجة كوميدي
والاقي برنامج في سكة تانية خالص
برنامج اختار اسمه وهو متأكد إن الناس أول ما تسمعه لازم فكرها يروح في اتجاه معين
طبعا هيقول -وغيره هيقول- لأ إنت اللي نيتك سودة..
وإنت اللي من هنا (ويشاور على القلب) مش أبيض
ده إحنا نقصد نسأل عن المحاذير.. عن المشاكل.. مش أكتر، والاسم ده مجرد ربط للحاجات دي ببعض

ماشي.. نبلعها دي وأحاول أنضف نيتي شوية بالديتول

لكن الاقيه جايب دينا الرقاصة مثلا..
يناقشها في أهمية الرقص الشرقي.. عن أحواله في البلد المتخلفة دي؟
عن نظرة الناس للرقاصة؟
وعن أصول الفن ده

ويسألها سؤال محوري
سؤال.. لازم نلاقي حل فاصل ونهائي فيه

ليه المجتمع -المتخلف الغبي ده- بينظر للرقاصة دايما بنظرة اتهام؟
ليه هي المهنة الوحيدة اللي بتبقى مدانة حتى تثبت برائتها؟

رقاصة
هي مش دي كده إجابة كافية؟
هل محتاجين ندور على أسباب ومبررات تانية؟
متهيألي الكلمة دي بتبرر أي نظرة اتهام أو حتى إدانة ليها

لكن..
هل كونه الصبح بيتكلم عن الرائعتان (رضي الله عنهما) وبالليل بيتكلم في حوار ودي مع الفنانة (ربنا يهدينا ويهديها).. ده لوحده مش تناقض؟


خصوصا مع نوعية الأسئلة الموجهة ليها؟
مش حاجة غريبة إنه بيعيب علينا تناقضنا مع نفسنا.. وهو بيظهر تناقضه الشخصي قدامنا؟
الصبح يتكلم عن أهمية الرجوع لجوهر الدين.. وبالليل يتكلم عن المشاكل اللي بتتعرض لها الرقاصة البريئة اللي حقها مهضوم في بلدنا

بصراحة..
مش فاهمك يا أستاذ إبراهيم

17.8.10

نظرة سياسية.. رؤية شعبية



في الراديو..
في الجـرايد..
في التليفزيون..


بقينا نلاقي صحفيين كتير، في برامج أو مقالات، كل واحد فيهم عمال يحلل ويفند في أحداث.. ويبدأ في سرد أدلة مقنعة (على الأقل مقنعة له هو) عشان يثبت إنه صاحب النظرة الأثقب.. اللي جابت "قرار" كل قضية بتحصل في مصر أو في العالم كله حتى


وفي ظل السماح الكبير (الشكلي غالبا) لكل واحد إنه يعبر عن رأيه، مهما اختلفت اتجاهاتهم السياسية

بقى عادي إنك تلاقي اتنين عروقهم نافرة وعمالين يزعقوا في بعض (في نفس الوقت)، دفاعا عن رأي في موضوع أو حل لمشكلة أو حق مهضوم لمواطن مظلوم (وهم كُثُر)
رغم إن دايما الحلقة بتخلص في الآخر بإن المذيع بيقفل الحلقة (عشان المخرج بيقول لي الوقت خلص)، والضيوف تقبض أجر الحلقة دي، والمشاهد يدخل ينام عشان يلحق الشغل بكرة (طبعا بعد مصمصة الشفايف على المشكلة.. ويمكن دعوة ولا اتنين على البعدا اللي كانوا السبب)



لكن لو دخلت قعدت على قهوة (قهوة بلدي.. مش كافيه).. أو تدخل دكانة راجل على قد حاله..
أو تتكلم مع واحد (ما تعرفوش) قعد جنبك في الميكروباص (بحميمية كأنكوا متربيين مع بعض في الحضانة)
تفاجأ بتحليلات سياسية قوية جدا.. أو تعليق على حاجة بتحصل في مصر.. وغالبا بتتقال في صورة نكتة
لكن غالبا..
بتبقى قوية ومظبوطة


مثلا..
دخلت عند ترزي.. لقيته بيتكلم مع واحد قاعد معاه :
- اتصلت بالراجل اللي هياخد منك مكنة الخياطة؟

- لا والله باكلمه ما بيردش.. ورحتله البيت بس ما عرفتش هو أنهي بيت بالظبط

- طيب وهو كان دافع لك عربون؟

- ما هي دي المشكلة.. اداني خمسين جنيه، والمكنة اتعلقت على كده.. لا هو بييجي ياخدها ولا أنا عارف أبيعها رغم إن في ناس كتير عايزين يشتروها

- يا عم سيبك منه ما دام هو مطنش كده

- ما أنا خايف بقى ييجي يسأل عليها ويركبني الغلط ويعمل لي قعدة عرب.. وطبعا هيجيبوا الحق عليا لأنه دافع عربون


سكت شوية كده وبعدين قال:
- مع إنهم يعني لو بيفهموا.. يبقى مافيش مشاكل
لأن المفروض قعدة العرب دي ما تجيبش حق حد


استغربت وقلت له:
- إزاي بقى؟ دي قعدة العرب دي حكمها لازم يتنفذ


ضحك وقال لي:
- ما أنا باقول لك لو بيفهموا.. هو في عربي أساسا واخد حقه؟
شاورلي كده على عربي واخد حقه عشان يقولولي حق عرب


ضحكنا.. ولقيت عنده حق
هم صحيح ليه سموها قعدة عرب وحق عرب وكل واحد ياخد حقه.. مع إن العرب كلهم مش واخدين حقوقهم سواء من اللي حاكمينهم أو من الغرب (بفتح العين أو ضمها)؟


لو تعرف حد واخد حقه.. ابقى شاور لي عليه

21.5.10

Transformers


أيوة..
أكيد ده خلاص ما بقاش عهد البني آدمين
دلوقتي إحنا عايشين في عهد الحديد

لو جه في دماغك إني باتكلم عن حديد عز.. مش هتبقى غلطان قوي
لكن مش هو ده الموضوع بس

الموضوع إني بالاقي إن أي حاجة حديد.. ممكن يكون ليها أهمية وسعر أكتر منك إنت شخصيا..
لو فكرت كويس.. مش هتلاقي نفسك غير "بني آدم"
مجرد "بني آدم" لا راح ولا جه
وعندنا منك بدل النسخة تمانين مليون نسخة، مش عارفين نعمل بيهم إيه

بص للمدارس الحكومية..
تعرف فيها كومبيوترات من سنة كام؟ 
من زمان
تعرف ظهرت في المدارس دي من امتى؟ 
يا دوب من كام سنة
تعرف ليه؟
لأن إنت طالب؛ يعني ينطبق عليك صفة الـ"بني آدمية"..
تعليمك أو إنك تعرف تتعامل مع الجهاز ده إزاي مهم.. بس في الأهم منه

الكومبيوتر الحديد ده أهم منه بكتير.. لأن الجهاز ده عهدة
ولو باظ، المسئول عنه هيروح في "سين" و"جيم".. ويمكن كمان في "نون"
يبقى الحل الأمثل إيه؟
شيل من ده من ده يرتاح ده عن ده

ويبقى كده محافظين ع العهدة..
وإنت مش هتموت لما تكون مش عارف زرار الـstart فين..
أو لما تكون مش فاهم الفرق بين ملف الوورد وبين الديسك توب
ناس كتير ما كانتش عارفة وعاشت عادي جدا ولأعمار كبيرة كمان

وده نفس اللي حصل معايا شخصيا
الكهربا بتقطع الساعة اتناشر ظهرا.. وتستمر لحد الساعة أربعة عصرا بدون حل
نتصل ب"جهاز مايو" يرد عليك الموظف :
للأسف.. انتوا مش تبعنا.. إنتوا تبع شركة الكهربا.. خد رقمها آهو
تتصل بشركة الكهرباء.. يرد عليك الموظف :
لأ إزاي؟.. إنتوا طبعا تبع الجهاز.. لأن إحنا أساسا ما استلمناش منه لسة
تتصل بأعطال التليفونات "121" :
تحت أمرك يا فندم.. أيوة يا فندم.. حضرتك اتصل بالجهاز يا فندم.. رقمه آهو يا فندم.. كلمته قبل كده؟.. كلمه تاني يا فندم.. طيب خد رقم الطوارئ يا فندم.. كلمته هو كمان؟ طيب جرب تاني يا فندم.. لأ هتلاقيه يا فندم.. ما بيمشوش يا فندم.. شكرا لاتصالك يا فندم
طبعا بعد جرعة الـ"يا فندم" اللي خدتها دي لازم تعيد المحاولة تاني
على الأقل عشان خاطر الراجل الأمير بن الأمرا ده

وتبدأ الرحلة من تاني..
وتعرّف الموظفين إن إنت عندك امتحانات.. وإن صعب تقعد كده تلات أيام
وده يرميك لده.. ومن ده تروح لده..
تعرف إن الفنيين أساسا روحوا بلدهم
وإنت ممكن تصبر لحد يوم الحد.. لما الفنيين ييجوا، مش قصة هي يعني


لكن أخيرا وبعد الساعة 8 مساءً.. وصلت لاتنين من الشركة اللي ركبت الكهربا للمنطقة
وعرفوا إن المشكلة في المحول "transformer".. وإن ده تبع شركة الكهربا اللي قالولي إني مش تبعها
قال لي :
كلمهم وقول لهم إن المشكلة في المحول.. قول لهم بيعمل صوت شرار وبيطلع دخان.. ما تخافش هييجوا جري.. أيوة عارف إنك كلمتهم قبل كده.. بس إنت لما تقول لهم المحول هييجوا.. أصل ده عهدتهم وهيخافوا عليه لأنه لو حصل له حاجة هتبقى مسئوليتهم.. أنا هاوصل لك الكهرباء بشكل مؤقت لحد ما ييجوا.. صدقني لو قلت لهم المحول هييجوا
اتصلت بالشركة اللي كلمتهم قبل كده عشر مرات
قلت لهم المحول بايظ.. وماكررتش المحاولة تاني

فعلا..
بييجوا بعد ساعتين..
أربع عربيات وحوالي تمان فنيين
وفي خلال ساعة بيكون كل شئ تمام

وكله يهون.. عشان خاطر المحول الحديد
إنما أحنا؟
مجرد.. بني آدمين

6.5.10

اللي مامعاهوش ما يلزموش

باتأكد يوميا من مقولة اللي مامعاهوش ما يلزموش
ما دام مامعاكش.. مش لازم تخَلِّف..
مش لازم تاكل..
مش لازم تشرب..
حتى مش لازم تعيى..
ولو عييت يا ريت بلاش تيجي ترمي بلاك ع الدكاترة

ده طبعا ما دام مامعاكش
وده مش رأيي الشخصي.. ولا رأي كل الدكاترة
لكن للأسف.. ده اللي شفته من بعض الدكاترة في قصر العيني

في الوقت اللي شفت دكاترة محترمة جدا.. عارفة إن اللي قدامها ده إنسان..
بتعامله بمتنهى الأدب والذوق.. ويمكن بتستحمله بشكل كبير لما هو يقل أدبه

لقيت دكاترة تانية بتتعامل معاهم من منطق..
إنت جاي تتعالج ببلاش يا خويا.. يبقى تحط لسانك في بقك لحد ما تخرج برة.. أظن واضح ومفهوم

في مراجعة من مراجعات الجراحة..
الدكتور يطلب عيانين..
غدة درقية thyroid.. دوالي varicose veins.. فتاء hernia

بييجي العيانين..
سهل جدا على عيان الغدة إنه يكشف رقبته عشان الطلبة تشوفها
لكن عيان الدوالي أو الفتاء..
بيحتاج شوية عشان يتخلص من الإحراج اللي حاصل له بسبب اضطراره لكشف رجله أو بطنه أومنطقة الحوض أمام العدد ده من الطلبة ولاد وبنات

الدكتور يقول له

اقلع اقلع.. ده إنت مش عارف أنا كنت باعمل إيه في العيانين اللي مش بيرضوا زمان


وبعد ما يمشي.. بيعرفنا هو كان بيعمل إيه
العيان اللي بيرفض.. الدكتور كان بيهدده إنه هيكتب له خروج من المستشفى بدون علاج

الله أعلم هو عنده القدرة على كده ولا لأ..
بس كان المنطق بتاعه في كده حسب كلامه :
إنت جاي تكشف وتعمل عملية ببلاش..
يبقى تخلي الطلبة تتعلم بقى مقابل ده..
مش عاجبك خلاص شوف لك مكان تاني تتعالج فيه


على الرغم من اقتناعي بأهمية إننا كطلبة لازم نشوف الحالات دي كويس
لكن متهيألي لازم الدكاترة تراعي إن اللي قدامنا ده بني آدم..
بيحس..
وبيتأثر..
وله كرامة لازم نراعيها وإحنا بنتعامل معاه.. حتى لو كان داخل ببلاش


الأكتر من كده شفته يوم الاتنين
حالة ولادة قيصرية.. الدكتور بيخدرها spinal..
مع أول شكة عضلات ضهرها بتشد شوية من الألم
الدكتور يصرخ فيها.. فكي ضهرك يا مداااام
مع الشكة التانية .. عضلاتها تشد تاني
أفاجأ بالدكتور يضم قبضة إيده ويوجهها في "لكمة" لضهر العيانة..
لكن بيقرر في آخر لحظة إنه ما يكملش اللكمة ويكتفي بالزعيق
شوية ويبدأ تأثير البنج
شوية كمان والعيانة تقول :
- الحقني يا دكتور.. دايخة قوي
- دوخي
- يا دكتور مش قادرة آخد نفسي
- ما تاخديش
- صدري طابق عليا يا دكتور
- خليه يطبق
- يا دكتور الحقني باموت
- موتي
تستسلم المريضة وتسكت لحد آخر العملية

مش عارف..
في بعض العيانين بيحتاجوا للشدة فعلا
لكن هل كل عيان داخل "ببلاش" خلاص..
واجب عليه إنه يتحول لعبد.. يستسلم ويسكت وخلاص؟
ممكن أنا في يوم من الأيام وبحكم التعود أتعامل مع الناس بنفس الأسلوب ونفس المنطق؟
طيب لو عكسنا الوضع..
لو المريضة دي في عيادة الدكتور ده؟
هل كان يجرؤ إنه يقول لها كلمة واحدة من الكلام ده؟

شبكة النتن.. تقدم

طبعا كل يوم والتاني تطلع قناة جديدة
اللي للأفلام واللي للمسلسلات واللي للرياضة
وطبعا الرياضة هي كرة القدم بس.. بيني وبينكوا أنا نفسي مش باتفرج على حاجة غيرها

واللي للأغاني واللي للأغاني واللي للأغاني
كده يعني

طبعا هتحشر كل الفراغ ده بإيه؟
حط بقى أي حاجة عندك
هات أي حد يتكلم
مش مهم لو قال كلام وقال عكسه بالظبط تاني يوم
بتحصل

هات واحد "مفكر إسلامي" وخليه "يفكر" في الإسلام بمزاجه
خليه يقول إن دي حرية فكر.. وسيبه يصادر على آراء الجميع بإنها متخلفة
أصل مش من حقهم يفكروا بحرية هم كمان

هات واحدة رقاصة تتكلم عن رحلة الحج بتاعتها
وعن إزاي هي ماشية (بالله) في كل حياتها.. وإزاي وهي بتلبس بدلة الرقص.. بتقرا قرآن
بتحصل برضه والله

هات أفلام الناس فيها لابسة ملط تكلمك عن الفكر المعتدل
عادي عادي.. كل ده مش مشكلة

طبعا الرقابة بتاعة زمان اللي كنا بنشوفها في القناة الأولى والتانية دي انتهت
أيام ما كنت تتفرج على المسرحية تلاقي نصها صوته مقطع..
تلاقي صوت صمت.. وبعدين ضحك جمهور.. وبعدين صمت.. وضحك جمهور،
وتعرف بعد كده إن الممثل قال كلمة ما عجبتش الرقيب فشالها
دلوقتي بقى كل حاجة بتيجي عادي جدا.. وربنا يخلي لنا القنوات اللي بتتحدالنا الملل
كل ده برضه مش مشكلة
"هو مشكلة .. بس هنعديها يعني"


بعد كده بقى ظهرت قنوات النتن
واللي أنا كنت فاكر اسمها ده جاي من لقب حد من أصحاب القناة ولا المساهمين فيها
لكن طلعت اختصار لاسم الشبكة
N.T.N .. Nile Television Network
ولقيتها لسة ماشية على الدرب.. وعندها رقابة
لسة لما "عاطف" بيقول لـ"سلطان" في مسرحية العيال كبرت

(دي أمك دي أنتيكة يا جدع)
بيشيلوها عشان عيييييييييييييب
لسة بتشيل نص كلام سلطان مع أمه أو أبوه عشان بيقل أدبه عليهم
وده طبعا عيييييييييييييب
رغم إننا خلاص عرفنا كل الحاجات اللي اتشالت دي من القنوات التانية اللي بتعرض المسرحية مرة اسبوعيا
كإنها كورس علاجي مكثف.. يمكن تعالج حالة الاكتئاب العام

المهم..
 
قاعد في أمان الله وبنقلب في القنوات .. وجت نايل سنيما
المحترمة بنت الناس الكويسين

ولقيت فيلم لنجمة مصر الأولى نبيلة عبيد..
وفارس التسعينات محمود حميدة..
وواضح كده من المشهد إنهم بدو في الصحراء
وفي واحد اسمه الشيخ حجاب
وقليل الأدب ده "اللي هو حجاب" بيبص على الـ"فنااانة" وهي بتاخد الشاور البدوي بتاعها من بين شقوق الخشب

المخرج بقى.. كان شاكك في قدراتنا التحليلية والاستنتاجية
وخاف إننا نفهم المشهد ده غلط..

  1. يعني ممكن واحد يفتكر إنه بيبص عشان يتأكد إنها بتستحمى فيقلبها في قرشين
  2. أو ممكن نفتكر إنه بيبص عشان يقول لها بخ .. فتتخض
  3. الاحتمال التالت إنه بيبص يمكن يقدر يشوف كوعها مثلا.. أو ودانها "وده في أسوأ التوقعات المرئية"

الموضوع مش محتاج المفتش كرومبو عشان يقول التوقع إيه
عشان كده المخرج حب يطلعنا على بواطن الأمور.. ويخلينا نبطل نبقى على نياتنا شوية بقى
ونبطل السذاجة اللي إحنا فيها دي..
هو إحنا اتأخرنا عن باقي الدول من شوية؟؟

الراجل ورانا بالصورة الحية هو شاف إيه لما بص عليها
عشان بس دماغنا ما تروحش كده ولا كده

سيبك بقى من مخرج الواقعية ده
وخلينا في قناة النتن..
الرقابة بتاعتها دي شغالة إزاي؟
إزاي مركزين مع كام كلمة.. وبيشيلوهم كلهم.. ومش مهتمين بالحاجات اللي زي دي؟
يعني مش الحاجات التانية دي أولى بالحذف من الحاجات الأولانية؟
ولا هم ما خدوش بالهم من المشهد ده أساسا؟
ولا ده تأكيد على مبدأ حرية الإبداع، وعرض الصور الحقيقية للواقع الأليم؟
ولا عشان اللقطة كده كده سريعة.. وما حدش هياخد باله منها؟؟

الحاجة التانية بقى؟
مشهد زي ده.. هيبرروه بإيه؟
واقعية؟
إبداع؟
فن هادف يسمو بالروح؟
مشهد لإعمال الفكر؟
الله أعلم..

ونعم الرقابة..
ويحيا الإبداع

29.4.10

تكلم حتى أراك.. وتعرى حتى أتفرج

قرأت رواية الكاتب محمد داود أمنا الغولة والتي جعل فيها الغول يكون اسمه، هو عكس الاسم البشري له
فالرجل الغني غنيم هو الغول مينغ .. والحاج منصور هو الغول روصنم

ثم قرأت عمود مواقف للكاتب أنيس منصور
والذي تحدث فيه عن الكاتبة سينا روصنم.. وعن رأيها في الملابس التي تجعل الناس "تعرف" أكثر


وبالطبع لفت نظري اسم روصنم في اسم الكاتبة والذي كان عكس منصور
وفاجأني أن اسمها سينا والذي قلبته على سبيل المزاح عملا بأسلوب الرواية لأجده أصبح أنيس،
ثم ضحكت من ازدياد المفارقة لأجده يؤكد على تطابق أسلوب الكتابة لديهما وباتفاق رأييهما على ذلك

لا أعرف في الفلسفة.. ولم أقرأ فيها
ولكن لفت نظري كلامها عن أنها تلبس الفساتين العارية "ليعرف" الناس عنها أكثر
كالطبيب الذي يأمر مرضاه بذلك ليعرف أكثر
ولكن.. أرى أن مقولة "تكلم حتى أراك" هي الأدق للمعرفة وليس التعري
وهي تنطبق على الطبيب مثله مثل غيره
فالطبيب لا يمكن أن يفهم المرض إلا بعد سماع الشكوى..
وقد تكون لكل كلمة صغيرة وزنها الكبير الذي يغير مسار العلاج تماما
(وقد حدث هذا تماما لي من قبل عندما مرضت)
وبعد ذلك لا يطلب الطبيب إلا قدر الحاجة.. ولا يكشف من الجسد إلا حسب الشكوى فقط

ففي مرض باطني ما قد يطلب رؤية القدم..
بينما في مرض آخر قد يطلب رؤية أظافر اليد.. وكل ذلك حسب ما سمع من المريض
هكذا تعلمنا في الكلية.. أن نحافظ على عورات المرضى كمان نحافظ على عوراتنا طالما لسنا في حاجة لكشفها

وبالتالي.. ليس كل تعري سيجعل الناس "تعرف" أكثر
بل قد لا يكون هذا إلا مجرد داعي "للفرجة" فقط.. وبعد ذلك..
سيأنف الناس من رؤية سوءات الآخرين

أعلم أنها قد لا تقصد المعنى الحرفي للكلام..
وأنا أيضا

22.4.10

النساء لا يشعرن بالبرد


وأنا قاعد قدام تليفزيون بيتنا العامر.. عمال أتنقل برشاقة أحسد عليها "رشاقة في أصبعي السبابة فقط" بين القنوات اللي بقت أكتر من الرز في الكشري
لقيت الدنيا كلها مقلوبة..

كل القنوات بتتكلم عن أزمة النقاب.. الله؟ وهو النقاب عامل أزمة؟
العاشرة مساءً.. الحياة اليوم.. ساعة ونص.. قصدي تسعين دقيقة ولا ما أعرف إيه
كل القنوات.. طيب إيه الحكاية يا أخوانا؟

فضيلة شيخ الأزهر قال إن النقاب مش فرض.. مش فرض.. مش فرض
طيب وإيه الجديد؟
ما في ناس تانية كتير قالوا الكلام ده.. اشمعنى جيتوا عنده ووقفتوا؟
وأتاري الحكاية إنه بعد ما زعق لبنت صغيرة عشان لابسة نقاب.. ووضح لها إنه بيفهم أكتر منها ومن أهلها أجمعين، وأجبرها إنها تقلعه
أُصدر قرار بمنع النقاب في الأزهر.. لأ.. وبمصادفة عجيبة جدا .. اتمنع النقاب في المدن الجامعية كمان في نفس الوقت بدون سابق اتفاق

فضلت طول الأسبوعين اللي بعد كده .. في كل مكان أسمع محور الحديث، عن النقاب.. وبين اللي قال إنه فرض بإجماع الأئمة الأربعة.. وبين اللي قال إن الأئمة الأربعة ما اتفقوش عليه (الله أعلم بقى.. واضح إن في عدة أئمة أربعة)..
ورغم كده الراجل ثبت على موقفه ضد المظاهر الدخيلة على تعاليم الإسلام كالنقاب

بعدها أسمع واحدة منتقبة بتشتكي لزميلتها.. بعد ما منعوها من المدينة الجامعية.. فضلت أسبوع دايخة على مكان تسكن فيه مع بنات كويسين
وفي الآخر.. لقت مكان كده في منطقة غريبة.. ومش عارفة تعمل إيه؟ تقعد مع البنات دول في المكان ده ولا لأ..
طيب مش كانوا يسيبوها الغلبانة دي في مكان مضمون بدل الشحططة اللي هي فيها دي

المهم..
في يوم تاني وأنا قاعد نفس القعدة قدام نفس التليفزيون "حيث ازدادت عضلات أصبع السبابة قوة.. بينما اضمحلت باقي عضلات جسمي"
والاقيلكوا خير اللهم اجعله خير..
كأن في مكان واااااااااسع.. والناس كتييييييييير...
وخير يا رب كده ألاقي المكان ده كله أحمر في أحمر..
وقال إيه؟
الناس كلها عريانة.. ومكتوب مباشر
أنا قلت هو في إيه؟
هي القيامة قامت خلاص، وبينقلوها نقل مباشر ولا إيه؟

لأ لأ.. ده نص الحاضرين بس اللي مش لابسين.. والنص التاني مستور بلبس أسود في أسود..
ربنا يستر.. أنا سمعت إن الأسود في النقل المباشر مش خير
بدأت أشوف الحكاية.. لقيته مهرجان القاهرة السنيمائي
الله؟ طيب وليه الرجالة كلهم لابسين حشمة ومحترم.. ومش باين منهم غير الوجه والكفين؟
في الوقت اللي الستات كلها عندها عجز حاد في الهدوم
هي دي حالة وبائية جديدة هيسموها "Acute clothes deficiency" ولا إيه..
ما قدرتش أبداً أعرف السبب في الوضع المقلوب ده

الغريب إن أنا لو غلطت وخرجت بنص كم كده ورجعت بالليل.. بارجع باتكتك م البرد.. هم دول إيه؟
ما بيبردوش؟
ولا بياخدوا حقن ضد البرد ولا إيه؟

الأغرب إني لقيت كل ما واحدة تطلع المسرح.. عزت أبو عوف والسيد وزير الثقافة يستقبلوهم بالقبلات على الخدين
لكن كل ما راجل يطلع.. يسلموا عليه من بعيد لبعيد..
داهية لا يكون أنفلونزا الخنازير تحور وبقى رجالي بس؟ استر علينا يا رب


تاني يوم صحيت على الجرايد كلها مقلوبة
وقريت عن التصريحات اللي أطلقها شيخ الأزهر منتقدا مهرجان القاهرة
واللي فيه من عري وقلة حيا.. خصوصا موضوع البوس ده..
اللي هو حرام حرام حرام "حسب قوله"
ولقيت القنوات كلها ما بقالهاش سيرة غير الكلام ده

وكل مثقفين البلد وقفوا في وشه وقفة رجل واحد.. دفاعا عن الحرية.. والديمقراطية.. والحق الدستوري لكل مواطن في القلع.. وحفاظا على أحدث ما توصلت إليه البشرية من خطوط الموضة الحديثة
لكن بصراحة الراجل عمل اللي عليه وثبت على موقفه.. ولم يهتز..
ولم يفاوض على رأيه.. ووقف نفس الوقفة الثابته في وجه النقاب الدخيل على الإسلام
ووقف ضد هذه الأعاصير العاتية.. مناضلا وحده..

صحيت من النوم تاني.. "أو بمعنى أصح.. أولاني"
لأجد أن كل هذا ما هو إلا أضغاث أحلام.. حيث أن العشا كان تقيل حبتين..
وإن النقاب ما زال ممنوع منعا باتا.. كمنع السجائر في غرف العمليات
لكن المهرجان شغال وميت فل وأربعتاشر
ولما سألت عن سبب منع النقاب.. وعدم التعرض لمهرجان القاهرة بأي سوء..
اكتشفت أن النقاب.. خطر على الأمن العام.. وناقل للعدوى والفيروسات.. وسبب مباشر في عمليات السرقة والنصب.. وطريقة خفية لأعمال مشينة يندى لها الجبين
أما الـacute clothes deficiency فهو غير خطير على الإطلاق..
حيث أن النساء لا يشعرن بالبرد..

19.4.10

دي حكايتي مع الدبان

(1)

في يوم العشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الثامن بعد الألفيتين..
ننتقل إلى منزلنا العامر، والكائن في إحدى المدن الجديدة التي أنشأتها الدولة حديثا..
أو هكذا ظننت..

تسمى المدينة امتداد 15 مايو
رجاء..
لا تقل 15 مايو، وقل امتداد 15 مايو.. فهذه الكلمة في غاية الأهمية

وهذا الاسم لا أدري لم اختارته حكومتنا الذكية، وهي جالسة على كرسي عُمُوديَّة القرية الذكية؟
هل كَوْن المدينة تجاور 15 مايو وتتبعها.. إذا هي امتداد لها؟ أهذه نهار والأخرى ليل؟
إذا لِمَ لَمْ يسموا 15 مايو الأولى بامتداد حلوان؟
ولم تأتي كل أسماء المدن الجديدة إما على تواريخ أو بإضافة كلمة "الجديدة" لاسم أي مدينة قديمة
ألا يوجد بيننا من يبتكر اسم لمدينة؟

قد كان ما كان.. وأعطوها هذا الاسم، وكما سموا مجاورات مايو بالأرقام 1-2-3... إلخ
فقد انتهجوا نفس المنهاج في الامتداد، وبدأوا من أول مجموعة الأرقام الطبيعية "ط" مرة أخرى.. 1-2-3.. إلخ

وما مشكلتك مع الأسماء والأرقام؟ أليس ذلك أفضل من أن تصبح "المدينة اللي
ما تتسماش"؟

إذا فكرت في هذا السؤال فاسمع هذه المكالمة:

- آلو.. مركز صيانة تلاجات (......)؟
- أيوة يا فندم
- عندي التلاجة مش شغالة كويس وفيها........ إلخ
- هنبعت لحضرتك مندوب الصيانة.. ممكن العنوان؟
- مجاورة كذا.. امتداد 15 مايو
- تمام يا فندم.. مجاورة كذا في 15 مايو
- لأ.. امتداد 15 مايو
- يعني هي مايو ولا مش مايو
- هي مايو.. لأ هي مش مايو،ممممم.. هي مش مايو نفسها يعني، دي مدينة جنبها اسمها الامتداد
- آآآ... حاضر يا فندم، هيجيلك كمان يومين

ثم أغلق الخط بعد أن اقتنع..
أو هكذا اصطنع


تتكرر المكالمة مع شركة صيانة الغسالات، وتتكرر محاولات شرح الفارق الجوهري بين 15 مايو وامتداد 15مايو
نسيت أن أذكر أن هذه الاتصالات نتيجة تذبذب التيار الكهربائي مع أي محاولة طائشة من أهل المنزل أو المنازل المجاورة لتشغيل تكييف أو موتور أو حتى ماكينة لحام
حتى كادت أن تودي بحياة جميع الأجهزة الكهربائية.. لولا أن من علينا الله باستقرار نسبي في الكهرباء مؤخرا

وأسأل نفسي.. لماذا لم يسموها باسم أي يوم آخر.. فالنتيجة مزدحمة الأوراق.. فليأخذوا منها ماشاءوا
لماذا لم يسموه مثلا 16 مايو، وبذلك يدللوا قطعا أن هذه تالية لتلك؟
لماذا لا يجعلوا هذه 15 مايو 1971.. والأخرى 15 مايو 2010 مثلا؟

لا إجابة !!

-------------------------

(2)

أخطو داخل المنزل.. ليست المرة الأولى بالقطع، ولكنها المرة الأولى كمقر دائم للأسرة
أفاجأ بأسراب من الذباب المفترس..
وكأن حصة مصر من الذباب العالمي اجتمعت لتصب في بيتنا
ما الحل أمام هذه الجحافل


نيو بيروسول.. راحت الزنة من وداني
يتم افراغ عبوتين من هذا النيو بيروسول (وهو مازال نيو منذ 18 عاما على الأقل)، لنجد الأرض وقد فرشت بعدد 2500 ذبابة على أقل تقدير إحصائي
هم وانزاح..

في تمام الساعة السادسة صباحا، ومع أول محاولات لضوء النهار أن يقتحم الغرفة.. أجد أسراب جديدة من الذباب وقد حملت على عاتقها هم إيقاظي مبكرا.. رغم الإجازة
أحاول الهروب يمينا ويسارا.. ولكن لا فائدة
احتمي بالبطانية من "غلاستهم" ولكن أجد إحداهن تتسلل من السنتيمتر الذي تركته لأتنفس
لا مفر إذا من الاستيقاظ

بعد استخدام طرق عديدة للتخلص من هذا الكابوس،
بداية من البيروسول والريد ومشتقاتهما..
مرورا بمضرب الذباب..
وانتهاء بعدو الذباب الأزلي.. الشبشب
نجد أننا كلما تخلصنا من فوج.. احتلنا غيره
خاصة وأنه لا يفهم أن عليه أن "يُهَش" عندما نشير له بأن "هِش"، ولكن يتوجب عليك أن تحركها شخصيا من موقعها على وجهك أو رأسك أو حتى داخل أذنك إلى أي مكان آخر بعيد عنك..

سمعت عن الصاعق الكهربائي اليدوي.. واتفقنا على أن يُحضره أي منا عندما يجده أمامه
أحضر أخي اثنين من هذا الصاعق.. فوجدته يشبه مضرب التنس
بل من المؤكد أنه مضرب تنس ولكنه يحسن دخله بالعمل كمضرب ذباب ظهرا بعد إضافة عدة دوائر كهربائية
ولكن هل يظنونني رافاييل نادال أم أحمد برادة، حتى أصعق هؤلاء الملاعين "ع الطاير"

بالطبع بائت كل المحاولات بالفشل الذريع..

-------------------------

(3)

بالطبع أعلم أن هذا الذباب الصحراوي "الغتيت" والذي لا يُهش ولا يُنش.. وإنما لابد من إعدامه؛
أعلم أنه نتيجة طبيعية لهذا الشكل الصحراوي الذي تتخذه المدينة..
فرضيت بأن يبقى الحال على ما هو عليه..
خاصة أني ليس لي الحق في اللجوء إلى القضاء

خاصة أن المدينة مازالت تحت الإنشاء منذ خمسة عشر عاما فقط..
إذا.. فقريبا سينتهي كل شئ.. وتصبح مدينة طبيعية "زي مخاليق ربنا".. ولن يأخذ ذلك أكثر من خمسة سنوات أخرى على الأكثر

ولكن وأثناء أحد الأحاديث الأسرية أفاجأ بوالدتي تقول أنها جائت مع أخيها لحجز أرض في هذا الامتداد
والمفاجأة أن هذا كان عام 1981.. عندما فتحت الدولة باب الحجز لهذه المدينة "الجديدة"
وبالطبع لم يستطيعوا الحصول على أية أراضي
ثم تذكرت الدولة أن بها أرضا محجوزة، حتى تصبح مدينة سكنية، فبدأت تسلم الأراضي في عام 1991
أي بعد ذلك بعشر سنوات
ولم تكن إلا صحراء بالمعنى الحرفي للكلمة
أي أن المدينة تنشئها الدولة منذ ثلاثين عاما.. وما زالت (في رأي ناس كتير) صحراء

اتذكر ذهابي مع والدي عام 1996 ، نسير في وسط رمال وصخور داخل "مدقات".. ثم توقف وقال لسائق الحفار:

- احفر هنا

اتلفت حولي يمينا ويسارا..
لم أجد ما يلفت انتباهي إلى أي علامة أو دليل يفرق هذه البقعة عما حولها..
ولكنه أبي، ومن المؤكد أنه على حق
وبالفعل كان على حق

الآن.. وبعد هذه القصة بأكثر من خمسة عشر عاما عرفت لماذا لم تتحرك المدينة كثيرا نحو العمران في هذا الزمن الذي يكفي لنهوض دولة كاملة، وليس مدينة صغيرة
ثلاثون عاما..
فالأرض التي بنينا فوقها كانت ملكا لنائب من نواب مجلس الشعب
عذرا.. أقصد ملكا لزوجته
حتى لا تظنوا مثلا أنه استفاد من موقعه بالحصول على هذه الأرض، سواء بالشراء المباشر أو بالشراء من آخر
وحتى لا تظنوا أنه "سقع" هذه القطعة حتى يرتفع ثمن المتر منها من عدة عشرات إلى بضعة مئات من الجنيهات
فالآخرون هم من فعلوا ذلك
والآخرون هم من يبقون أراضيهم حتى هذه اللحظة في حالتها البكر.. رمال وصخور
والآخرون هم من لم يهتموا بقرار الدولة بأن من لم يشيد بيته.. ستسحب أرضه
فهؤلاء الآخرون يعلمون أن هذا ما هو إلا "كلام في الهوا"، لا يتم تنفيذه إلا على من ليس لهم ظهر بعد أن يشبعوه ضربا على البطن